تعود قضية الطفل عدنان (ب)، ذو الـ 11 عاما، الذي تعرض لـ “الاغتصاب والقتل والدفن” بمدينة طنجة، إلى الواجهة من جديد في إطار الدرجة الثالثة من التقاضي، بعد قرار عرضها أمام محكمة النقض يوم غد الأربعاء.
وستنظر محكمة النقض باعتبارها محكمة قانون في إطار المرحلة الثالثة من التقاضي من خلال الغرفة الجنائية لديها في هذه القضية التي أثارت الرأي العام المغربي سنة 2020، وأسالت مداد العديد من وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، لما شهدته من متابعة من طرف الإعلام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي التي وصلت حد المطالبة بالحكم بالإعدام وتنفيذه في حق مرتكب الجريمة.
وستنظر الغرفة الجنائية بمحكمة النقض في الإشكالات والمساطر القانونية المتبعة في القضية، من حيث الشكل، ومدى احترامها وتطبيقها من طرف الغرفة الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بطنجة، التي أيدت الحكم الصادر بالإعدام كدرجة ثانية من التقاضي بعد الأولى وهي الغرفة الجنائية الابتدائية المصدرة للحكم.
وينتظر يوم غد بعد النظر في القضية التي سيجري فتحها من جديد، بعد الطلب الموجه من طرف دفاع المتهم المدان في القضية بعقوبة الإعدام إلى جانب ثلاثة متهمين آخرين، وفق ما استقته “الصحراء المغربية” من معطيات، إما حجز الملف للمداولة إن كان جاهزا أو تأجيل البت فيه إلى جلسة أخرى، أو الاستجابة إلى طلب دفاع المتهم بالترافع أمامها في حال تقديمه لطلب كتابي بذلك.
ووفق المعطيات ذاتها، فإن فتح القضية من جديد، ينتظر منه إما أن تقضي فيه محكمة النقض بتأييد الحكم الصادر بالإعدام أو في حال وجدت “خرقا” في الإشكالات القانونية المتبعة أن تعيد الملف للمحاكمة من جديد أمام المحكمة المصدرة للحكم، بهيئة حكم جديدة، أو يمكنها، في إطار القانون، أن تحيلها على محكمة موضوع أخرى للنظر فيها.
وحسب المعطيات ذاتها، فإن أسرة الطفل الضحية، وجهت ملتمسا للقضاء بتأييد الأحكام الصادرة عن غرفتي الجنايات الابتدائية والاستئنافية بمحكمة الاستئناف بطنجة في القضية، وسط ترقبها لما ستصدره محكمة النقض من قرار.
وبالعودة إلى القضية، فإن الغرفة الجنائية الاستئنافية لدى جنايات طنجة، كانت قضت منتصف يناير 2021، بإعدام المتهم الرئيسي في مقتل الطفل عدنان، بعد إدانته بجنايات ثقيلة تابعته النيابة العامة وهي “القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد الذي سبقته جناية التغرير بقاصر يقل سنه عن 12 سنة واستدراجه واحتجازه وهتك عرض قاصر يقل سنه عن 18 سنة بالعنف والاحتجاز المقرون بطلب فدية والتمثيل بجثة وإخفائها وتلويثها ودفنها خفية”، كما قضت بالحبس أربعة أشهر نافذة في حق المتهمين الثلاثة الذين كانوا شركاءه في السكن بعد متابعتهم بـ “عدم التبليغ عن جريمة رغم علمهم بذلك”.
وكان المتهم الرئيسي، أوقفته الشرطة القضائية للمدينة في اليوم الخامس من البحث عن الضحية عدنان، الذي أبلغت أسرته عن اختفائه، وبعد الاستماع إليه، اعترف بالاعتداء جنسيا عليه ثم قتله ودفنه في مكان قريب من مسكنه، قبل أن يدل عناصر الشرطة على مكان دفن جثته.
وفي تفاصيل الواقعة، فقد كانت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بطنجة، تمكنت في 11 شتنبر 2020، من توقيف شخص يبلغ من العمر 24 سنة، مستخدم في المنطقة الصناعية بالمدينة، وذلك للاشتباه في تورطه في ارتكاب جناية القتل العمد المقرون بهتك عرض قاصر.
وأوضح بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني، عقب إيقاف المتهم، أن “مصالح الأمن بمنطقة بني مكادة بمدينة طنجة، كانت قد توصلت، ببلاغ للبحث لفائدة العائلة، بشأن اختفاء طفل قاصر يبلغ من العمر 11 سنة، قبل أن تكشف الأبحاث والتحريات المنجزة أن الأمر يتعلق بواقعة اختفاء بخلفية إجرامية، خصوصا بعدما تم رصد تسجيلات مصورة تشير إلى احتمال تورط أحد الأشخاص في استدراج الضحية بالقرب من مكان إقامة عائلته”.
وأضاف البلاغ الأمني أن “عمليات البحث والتشخيص التي باشرتها عناصر الشرطة القضائية، مدعومة بمصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قد أسفرت عن تحديد هوية المشتبه فيه، الذي يقطن غير بعيد عن مسكن الضحية، قبل أن يتم توقيفه والاهتداء لمكان التخلص من جثة الضحية”.
وأشارت معطيات البحث، حسب البلاغ، إلى أن “المشتبه فيه أقدم على استدراج الضحية إلى شقة يكتريها بنفس الحي السكني، وقام بتعريضه لاعتداء جنسي متبوع بجناية القتل العمد في نفس اليوم وساعة الاستدراج، ثم عمد مباشرة لدفن الجثة بمحيط سكنه بمنطقة مدارية”.
وخلفت وفاة الطفل وما تعرض له من اعتداء جنسي وكذا القتل، حالة من الصدمة والغضب الممزوج بالحزن لدى الرأي العام المغربي، رافقته المئات من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتنظيم وقفات احتجاجية للتنديد بالجريمة، والمطالبة بإنزال عقوبات قاسية بحق من وصف بـ “الوحش الآدمي”، مرتكب الجريمة، والمطالبة بتعزيز قوانين حماية الطفولة، كما أعادت إلى الواجهة النقاش المجتمعي حول “الإبقاء على عقوبة الإعدام أو المطالبة بإلغائها” في المغرب.