كشفت الحكومة، عن نتائج التحقيق في رداءة مادة الكَازوال، التي توزعها محطات الوقود التابعة لشركة “طوطال” الفرنسية، والتي دفعت في وقت سابق عددا من المواطنين إلى الاحتجاج على الشركة بسبب تعرض عرباتهم لأعطاب تقنية ناجمة عن تعبئة خزانات سيارتهم من وقود الشركة الفاعلة بسوق المحروقات بالمغرب.
وأوضحت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، جوابا على سؤال برلماني، أن مراقبي قطاع الانتقال الطاقي، بادروا في أعقاب ما تم تسجليه مؤخرا بشأن جودة المواد البترولية بمحطتي خدمة متواجدتين بمدينة الدار البيضاء، إلى أخذ عدة عينات من مادتي الكازوال والبنزين من المحطتين المذكورتين ومن مستودعات تخزين المواد البترولية المزودة لهما بكل من المحمدية والجديدة.
وكشفت الوزيرة، ضمن جوابها، أن نتائج التحاليل التي قام بها المختبر الوطني للطاقة والمعادن بالدار البيضاء أوضحت أن عينات مادة الكازوال المأخوذة من المحطتين لا تستجيب للمواصفات القانونية الجاري بها العمل، مؤكدة أنه تم تحرير محضري مخالفة ضد كل من المحطتين المعنيتين تمت إحالتهما على وكيل الملك بالدار البيضاء قصد اتخاذ المتعين بشأنهما طبقا للقوانين الجاري بها العمل، في حين أن العينات المأخوذة من مستودعات التخزين جاءت مطابقة للمواصفات.
وأعلنت المسؤولة الحكومية، أنه تم تجميع مواد الكازوال غير المطابقة للمواصفات القانونية وشحنها في اتجاه مستودع تخزين المواد البترولية المتواجد بالمحمدية، مسجلة أن لجنة إقليمية مشتركة جرى تكوينها لهذا الغرض أوصت خلال زيارتها إلى المستودع المذكور بإتلاف هذه المواد من طرف شركة معتمدة من لدن قطاع التنمية المستدامة، وذلك طبقا للمساطر القانونية الجاري بها العمل في هذا الشأن.
واشتكى عشرات الموطنين المغاربة من مدن مختلفة خلال الأيام الماضية من تلف سياراتهم، بعد أن اكتشفوا سلسلة من الاختلالات الميكانيكية والإلكترونية في أنظمة محركات عرباتهم، مما دفع بهم للاحتجاج على ذلك، لاسيما وأنه سيكلفهم الكثير من أجل إصلاحها، ناهيك عن حرمانهم من استعمال سياراتهم طيلة فترة توقفها.
البرلمان يدخل على الخط
ووصلت فضيحة رداءة وقود شركة “طوطال”، إلى قبة البرلمان، حيث طالب فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، الحكومة، بفتح تحقيق حول جودة مادة الكَازوال الموزعة بالمغرب، على خلفية “فضيحة” رداءة كازوال شركة طوطال، وما نتج عنها من أضرار تقنية مكلفة لمستعملي السيارات.
وقالت نادية تهامي، عضوة فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إن فريقها وقف “على مرارة الموقف الذي يوجد عليه العديد من أصحاب العربات الذين استعملوا هذا النوع من الكَازوال في سياراتهم في الأيام القليلة الماضية، بعد أن اكتشفوا سلسلة من الاختلالات الميكانيكية والإلكترونية في أنظمة محركات عرباتهم.
وضمن سؤال موجه لوزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، سجلت البرلمانية عن فريق “الكتاب”، أنه ” تأكد لهم، بناء على آراء المختصين، أن سبب ذلك ناتج عن رداءته، مما دفع بهم للاحتجاج على ذلك، لاسيما وأنه سيكلفهم الكثير من أجل إصلاحها، ناهيك عن حرمانهم من استعمال سياراتهم طيلة فترة توقفها”.
وفي الوقت الذي يتساءل فيه المتضررون عن الجهة التي ستتحمل تعويضهم عن هذه الخسائر، وإن كانت شركات التأمين ستتدخل من أجل ذلك، تساءلت تهامي، عن سياق توزيع هذا النوع الرديء من الكَازوال الذي يفتقر لمعايير الجودة، ويؤدي إلى تلويث البيئة وتقليص العمر الافتراضي للسيارات والإضرار بمصالح المستهلكين، وهي جوانب تسائل الحكومة بحكم تبعية مؤسسات الرقابة لها.
معايير توزيع الوقود
وجوابا على ذلك، أكدت الوزيرة بنعلي، أنه من أجل مواكبة التطور الذي عرفته مواصفات المواد النفطية على الصعيد الدولي، واستجابة للمعاهدات المتعلقة بالبيئة التي صادق عليها المغرب، فقد دخل حيز التطبيق منذ يناير 2022 القرار الوزاري المتعلق بمواصفات جديدة تخص جودة المواد البترولية السائلة المستهلكة بالمغرب، وذلك لملاءمتها مع معيار أورو6 (Euro6) الخاص بالتحكم في تلوث المركبات.
وأوضحت المسؤولة الحكومية، أن المحروقات المستهلكة بالمملكة ستخضع لنفس المعايير المعتمدة بأوروبا، ولا سيما فيما يخص نسب بعض العناصر الضارة التي أصبحت في نفس المستويات المعمول بها أوروبيا، مؤكدة أن المواد البترولية المسوقة بالمغرب، تخضع لمراقبة الجودة في جميع المراحل، بدءا من الاستيراد حتى وصولها إلى المستهلك، وذلك باتباع مسطرة تسهر عليها الوزارة بتنسيق مع المديريات الجهوية والإقليمية،
وكشفت أنه يتم إعداد برامج سنوية لهذا الغرض تشمل مستودعات التخزين وشاحنات النقل ومحطات بيع المواد البترولية، كما تقوم هذه المديريات أيضا بحملات خاصة تحت إشراف الولاة والعمال استجابة لشكاوى المواطنين، وقد بلغ عدد العينات من المواد البترولية السائلة ما يفوق 3200 عينة في سنة 2022.
وأضافت الوزيرة، أنه يتم التحقق من مدى مطابقة المواد البترولية السائلة المستوردة للمواصفات الجاري بها العمل، وذلك عبر تحليل العينات المحالة من طرف المستوردين على المختبر الوطني للطاقة والمعادن تحت إشراف مصلحة الجمارك، وبذلك تكون كل كميات المواد النفطية المستوردة عبر الموانئ تخضع لمراقبة جودتها قبل عرضها للبيع.
كما تغطي المديريات الجهوية والإقليمية التابعة لقطاع الانتقال الطاقي، البالغ عددها 29 مديرية، مجموع التراب الوطني، بما يفوق 70 مراقبا يكلفون بأخذ العينات وإحالتها على المختبرات التابعة للقطاع، وذلك من خلال برنامج تتم بلورته في بداية كل سنة مع التركيز على النقط التي تحتاج لمراقبة أكثر.
وفي إطار العمل على تقوية مراقبة جودة المنتوجات البترولية السائلة، أشارت بنعلي إلى إصدار القانون رقم 67.15 المغير والمتمم لظهير الشريف بمثابة 1.72.255 الصادر بتاريخ 22 فبراير 1973 المتعلق باستيراد مواد الهيدروكاربورات وتصديرها وتكريرها والتكفل بتكريرها وتعبئتها وادخارها وتوزيعها الرامي إلى زجر الغش عن طريق الرفع من مستوى العقوبات في حق مرتكبي المخالفات في هذا المجال.
وأكدت أن هذا القانون يهدف إلى الحجز التحفظي للمنتجات المراقبة التي ثبت عدم مطابقتها للمواصفات القانونية، فضلا عن إمكانية توقيف اعتماد الفاعلين في هذا الميدان بصفة مؤقتة أو نهائية، فضلا عن مسؤولية الفاعلين في هذا القطاع بشأن الحرص على مطابقة المنتوجات البترولية المعروضة في السوق الوطنية لمواصفات الجودة المطلوبة.
إلى ذلك، أشارت وزيرة الانتقال الطاقي، إلى أن أشغال بناء مقر جديد للمختبر الوطني للطاقة والمعادن بمدينة الدار البيضاء توجد في طورها النهائي، حيث يستجيب هذا المختبر الجديد، للمواصفات الدولية فيما يخص المختبرات البتروكيماوية، وذلك بغلاف مالي يناهز 10 ملايين درهم.