شكلت قضية الصحراء محورا رئيسيا في زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كيمون، إلى كل من موريتانيا، ومخيمات تيندوف، بالإضافة إلى العاصمة الجزائرية التي حط فيها الرحال في وقت متأخر من ليلة السبت المنصرم.
كي مون، الذي كانت إسبانيا أول البلدان التي حل بها، أكد أن زيارته إلى المنطقة تأتي من أجل “الدفع بالأطراف المتداخلة في الملف للعودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة، بعد حالة الجمود التي عرفتها القضية، خاصة بعد انسداد الأفق وتوقف المفاوضات مع تقديم المغرب لمقترح الحكم الذاتي، وتشبث جبهة البوليساريو بمسألة تقرير المصير”.
كما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، اليوم الأحد في الجزائر، “أن طرفي النزاع الصحراوي لم يحرزا أي تقدم حقيقي في المفاوضات التي من شأنها أن تفضي إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من قبل الجميع، ومبني على أساس تقرير مصير الشعب الصحراوي”، في انحياز واضح لأطروحة البوليساريو وتغييب للمبادرة المغربية للحكم الذاتي.
هذه الزيارة سبقتها عدد من الزيارات التي قام به المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، كريستوفر روس، والتي قادته إلى الرباط والجزائر والمخيمات، بعد أن أضحى ممنوعا من زيارة الأقاليم الجنوبية للمملكة؛ في حين أن زيارته الأخيرة عرفت نوعا من الجمود، وكثيرا ما كانت تحاط بالضبابية، ولم تتمخض عنها أي مقترحات من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة.
زيارة كي مون تأتي أيضا في ظرف تشهد فيه العلاقة بين المغرب والبوليساريو المزيد من التوتر، بعد مقتل أحد القاطنين في المخيمات قرب الجدار الأمني برصاص مغربي، وتهديد البوليساريو بالعودة إلى استعمال السلاح ضد المغرب.
خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بوجدة، شدد على أن “بان كي مون لم يختر التوقيت المناسب لكي يقوم بهذه الزيارة، إذ إن المغرب فضّل أن تتم بعد تقديم التقرير حول الصحراء في مجلس الأمن في أبريل القادم”، مضيفا أن “الأمين العام اختار أن يقحم الجزائر كطرف غير مباشر في النزاع بطريقة تعيسة”، على حد تعبيره، مشددا على أن “الجارة الشرقية تبقى طرفا مباشرا في نزاع الصحراء”.
وشدد الشيات، في حديث لهسبريس، على أن العودة إلى المفاوضات تبقى هي “الفتح الذي يريد أن يبشر به بان كيمون من خلال هذه الزيارة”، مضيفا أن “المغرب دخل في المفاوضات في وقت سابق، ولم يكن في هذا الأمر أي “طابو”، في حين أن المفاوضات المباشرة تبقى رهينة بعدد من الشروط”.
ومن جملة هذه الشروط، يقول الشيات، “تحرر البوليساريو من التبعية الإستراتيجية للجزائر”، معتبرا أن “التهديدات التي تطلقها باللجوء إلى الحرب ضد المغرب ليست فيها أي منفعة، اللهم إذا كانت في صالح الجزائر ووضعها الداخلي الهش”، على حد تعبير أستاذ العلاقات الدولية؛ فيما أضاف أن الشرط الثاني يبقى هو “خروج المفاوضات عن الإطار الذي ترسمه جبهة البوليساريو، وتركيزها على مسألة حق تقرير المصير”.
وفي الوقت الذي أكد أن “بان كيمون لم يكن متوازنا من خلال هذه الزيارة”، شدد الشيات على أنه “كان من الممكن أن تؤجل الزيارة إلى ما بعد تقديم التقرير”، قائلا إن “دعوة الأمين العام إلى العودة إلى المفاوضات المباشرة كان من الممكن أن تتم من نيويورك”، ومضيفا أن “الجزائر تدفع ببان كيمون إلى منطق لا يليق به”، على حد تعبيره.