قال حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، إن وزارته تعكف على إعداد دراسة تتعلق بتقييم جميع اتفاقيات التبادل الحر التي تربط المغرب ببعض الدول، وقد تتخذ الوزارة قرارا بإلغاء بعض الاتفاقيات التي تلحق أضرارا بالاقتصاد الوطني.
وأوضح الوزير في رده على سؤال شفوي تقدم به فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين، خلال الجلسة التي عقدها المجلس، هذا السبوع، أن الوزارة ستعمل على إعداد دراسة تتعلق بتقييم جميع الاتفاقيات التجارية، قصد الخروج بتوصيات ملائمة من أجل الاستغلال الأمثل للمزايا المتاحة في هذا الإطار. وتنص مقتضيات القانون الجديد بشأن التجارة الخارجية على ضرورة القيام بدراسات قبلية والتشاور مع القطاع الخاص قبل التوقيع على أي اتفاق تجاري جديد، وقال العلمي “يجب إعادة النظر في بعض اتفاقيات التبادل الحر، ونحن مستعدون لتوقيف بعض الاتفاقيات التي تلحق أضرارا بالاقتصاد الوطني، خاصة التي لا تكون في صالح المغرب”، وأضاف “يجب دراسة هذا الموضوع بعقلانية، نحن متفقون أن بعض الاتفاقيات مضرة للمغرب، لذلك نشتغل على هذا الملف، وسنعيد فيها النظر”.
وكشفت مصادر من الوزارة أن المغرب قد يتجه لإلغاء اتفاقية التبادل الحر مع تركيا، لما تسببه من أضرار للاقتصاد الوطني، خاصة بعد ظهور نتائج التحقيقات التي فتحتها الوزارة، التي أكدت وجود إغراق شامل للسوق المغربية بالسلع التركية، وهو ممنوع دوليا وبمقتضى القانون المغربي. وأشارت المصادر إلى أن اتفاقيات التبادل الحر توقعها الدول من أجل أن يستفيد منها الطرفان، أما اتفاقية التبادل الحر مع تركيا فليست في صالح المغرب، لأنها اتفاقية غير متكافئة، وتلحق أضرارا بالاقتصاد الوطني، ما يهدد بإفلاس التجار والمقاولات بالعديد من المدن.
ووجه برلمانيون بمجلس النواب في وقت سابق، اتهامات لدولة تركيا بوضع عراقيل أمام الصادرات المغربية، وهي عراقيل غير جمركية وهي وسيلة للاستفادة غير المنصفة من الاتفاق لصالح الجانب التركي.
ويطالب عدد من الفاعلين الاقتصاديين بمراجعة اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وتركيا، نظرا للأضرار التي تلحقها بالاقتصاد الوطني، وكشف التقرير الاقتصادي والمالي المرفق لمشروع قانون المالية لسنة 2019، أن المبادلات بين البلدين شهدت زيادة مرتفعة منذ دخول الاتفاقية حيز التطبيق، حيث بلغت المبادلات التجارية 27 مليار درهم سنة 2018 مقابل 6,6 مليارات درهم فقط سنة 2006، وأكد التقرير أن تركيا تستفيد بشكل كبير من هذه الاتفاقية، حيث ارتفع العجز التجاري للمغرب مع هذا البلد بشكل كبير لينتقل من 4,4 مليارات درهم سنة 2006 إلى 16 مليار درهم سنة 2018، كما بلغت الاستثمارات التركية المباشرة نحو المغرب 269 مليون درهم خلال السنة الماضية، مقابل 139 مليون درهم سنة 2017، وتعود هذه الاستثمارات لحوالي 160 شركة تركية تعمل في المغرب بالعديد من القطاعات، منها البناء والتجارة وبالجملة والتقسيط والنسيج.
وأشار فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى أن المغرب يتوفر على شبكة واسعة من الاتفاقيات التفضيلية والتبادل الحر تمكن من ولوج سوق قوامها مليار مستهلك بقدرة شرائية من بين القدرات الأكبر عالميا، ولكن الاستفادة من هذه الاتفاقيات تطرح تحديات كبرى، وقد انبثق عن هذه الاتفاقيات انفتاح تجاري يغذي تسريعا قويا للواردات، كان من نتائجه عجز تجاري بنيوي يرتبط تفاقمه بتحرير التجارة الخارجية في إطار اتفاقيات التبادل الحر، كان في حدود 29 مليار درهم سنة 2000 و50 مليار سنة 2003 ليتضاعف أربع مرات سنة 2016 ليصل إلى 185 مليار درهم، و5 مرات خلال السنة الحالية، وبالتالي فإن تغطية الميزان التجاري مستمرة في الاندحار، حيث إنها تتأرجح في حدود نسبة 50%. وأكد الفريق المذكور أن المبادلات الخارجية تسجل عجزا تجاريا ليس فقط مع الدول التي تجمعنا معها اتفاقيات التبادل الحر، ولكن كذلك مع جميع شركائنا التجاريين (الصين، الهند، كوريا الجنوبية…)، سواء كانوا دولا متقدمة أو في مستوى المغرب.