عين فيتال
تستقبل إفران في كل موسم فصلا ، و مع كل فصل زائر و حكاية ، و الموقع الجغرافي الذي تتواجد فيه المدينة ، جعلها تحضي بمناخ متوسطي معتدل ذو الأربعة فصول التي تتعاقب على المدينة و تكسيها طابعا جميلا ، يزيدها رونقا تنوع الغطاء النباتي وكثافته ، بالإضافة إلى وفرة الشبكة المائية على طول واد تزكيت الذي يشكل في طريقه لوحات من الجمال الطبيعي ، من خلال الشلالات التي يرسمها ، ” شلال الملجأ ” و ” شلال عين فيتال “.
عين فيتال ذلك المكان الساحر الذي اشتقت تسميته ، من الاسم الفرنسي لعين فيتال جبال الألب الفرنسية ، المكان الذي شكل موضع عناية المستعمر الفرنسي خلال فترة الحماية ، لما يخرج من جوفها من مياه عذبة صافية باردة ، حظيت باهتمام السائح الأجنبي و الوطني الذي وإن حل على المدينة زائرا لا يسأل سوى عن عين فيتال .
عين فيتال منبع المياه الذي يحيط به سور من كل جوانبه ، عمد أحد المستثمرين بالمنطقة إلى إضافة تعديلات و تحسينات لتزويدها بصنابير مياه للتخفيف من عبء تزود الزوار بالمياه خصوصا في فصل الصيف الذي يعرف اكتظاظا كبيرا ، العملية التي خلفت استياء لذا الساكنة المحلية والسائح الوطني ، الذين اعتادوا شرب مياه العين من مصبها الاعتيادي ، الأمر الذي أستدعى من السلطات المحلية ، التدخل لإعادة العين لشكلها الطبيعي .
إعادة العين لشكلها الطبيعي، ترك بعض التشوهات ، و المتمثلة في تسرب المياه إلى المحيط الخارجي، مما يجعل منها تتجمع مخلفة برك صغيرة تقف عائقا دون وصول المارة إلى العين ، مشكلة بذلك مساحة كبيرة من الوحل الذي يفقد المكان طابعه الجمالي ، خصوصا و تواجده وسط الطاولات و المقاعد الإسمنتية التي خصصت لاستقبال السياح في ظروف مريحة خصصت معها أيضا سلة للنفايات و مكان “للشواء ” .
رغم الوحل الذي يعيق الطريق و المياه المتسربة في أرجاء ومحيط العين ، يسارع السياح إلى تخطيها وصولا إلى المكان لشرب الماء أو لالتقاط صورة تذكارية ، ليصادف أمامه فضلات الحيوانات والبهائم التي تملأ المكان من حين لآخر ..
لسنا ضد توفير فرص شغل و مورد دخل للشباب العاطل في المنطقة ، بل نشجع و نطالب الدولة و السلطات المحلية و كل الفاعلين إلى دعم و تسهيل سبل المبادرات الفردية خصوصا في المجال السياحي من خلال مواضيعنا السابقة ، إلا أنه وجب علينا مراعاة أيضا سبل الحفاظ على الطابع الجمالي للمدينة ، خصوصا عندما نتحدث عن مهنة السياحة بالخيول ” كراء الخيول ” ، المهنة التي دخلت المدينة من خلال مبادرات فردية لبعض المصورين المحليين على مستوى شلال عين فيتال لتوفير دخل إضافي على ثمن الصورة ، ليتم توسيع النشاط الذي وصل إلى اليوم لأزيد من 80 رخصة استغلال ، 80 رخصة استغلال تعني 80 دابة تجول على مدار السنة ، في كل بقاع واد تزكيت من الطريق الوطنية رقم 8 إلى حدود مخرج زاوية سيدي عبد السلام ، في غياب تحديد و تقنين أماكن الاستغلال ، وعدم احترام الطرق و المسارات المحددة ، الأمر الذي أدى إلى تدمير معظم الأراضي المعشوشبة و المحيطة بالوادي والتي يقصدها السياح لقضاء وقت ممتع والترفيه .
إغلاق المسالك المؤدية إلى المناطق الحيوية بالمدينة ، ليس فقط من طرف أصحاب العودان ” الخيول ” ، أو الوحل و البرك الصغيرة ، بل حتى من طرف بائعي منتجات الصناعة التقليدية ، هذه المتاجر التي كانت من قبل تستغل بطرق عشوائية، قبل أن تعمل السلطات المحلية إلى منحهم محلات تجارية بالقرب من عين فيتال ، إلا أن الملاحظ هو خروج البعض إلى مناطق أخرى تعرف رواجا تجاريا خصوصا بالقرب من مواقف السيارات أو شلال عين فيتال ، والعودة إلى العشوائية التي تخلق فوضى في القطاع …
عين فيتال تلعب دورا مهما خصوصا في شقها المتعلق بالرياضة و الترفيه ، حيث تعد مجال مميزا ورائعا لممارسة الرياضة بشتى أنواعها ، لما تحتوي عليه من مناخ جد متميز ، تمارس فيها رياضة الجري و كرة القدم ، بالإضافة إلى الرياضة الموسمية التي تعمل على تنظيمها جمعية فيتال الرياضية لصيد السمك و الحفاظ على البيئة ، وتختص باصطياد سمكة ” الترويتة المحلية “.
للدلالة على بوابة عين فيتال أقيمت عارضة حجرية من جهة الطريق المحلية المؤدية إلى زاوية سيدي عبد السلام ، قطعة رخامية صغيرة الحجم لن تراها إلا إذا اقتربت منها ببضع أعشار السنتمترات ، فماذا عسى السائح راكب السيارة الذي لم يسبق له أن زار الموقع أن يفعل ؟؟ ، إعداد لاقطات و علامات إرشادية واضحة الرؤية للجميع ، يجعل من التعريف بالمنطقة أمرا سهلا ، بالإضافة إلى إمكانية بلوغ الفضاء بطرق سلسة.
إعادة تهيأت المجال الأخضر بالمنطقة من خلال حملات التشجير التي تقام كل سنة، عنوان الرغبة في الحفاظ على المجال البيئي بالمنطقة الذي يسهم إلى حد ما في الانتعاش السياحي والاقتصادي بالمدينة ، بل يساهم بشكل كبير في الترتيب العالمي الذي حظيت به المدينة خلال السنة المنصرمة ، والحفاظ على هذه المكانة و التصنيف وأيضا على المجال البيئي ليست مسؤولية السلطات فقط ، بل مسؤولية الجميع خصوصا و نحن في موسم الرحلات الاستكشافية المنظمة والمدرسية ، والتي من المؤسف، بعد انتهائها من تناول أطعمتها، تحول فضاء عين فيتال إلى مكان مليء بالنفايات و القمامة .
إن فضاء عين فيتال ، كما هو الشأن لكل الفضاءات السياحية بالمدينة ، تتطلب منا وعيا و مسؤولية كبيرة للحفاظ عليها ، كن جميلا و ” اترك المكان نظيفا لغيرك “.
عبد السلام أقصو