الجيش المغربي يدخل مرحلة الردع البحري والجوي.. وصواريخ يصل مداها إلى سبتة ومليلة والأندلس!
تبدو بعض وسائل الإعلام الإسبانية منشغلة بصفقات التسلح التي أبرمتها المملكة المغربية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتنظر إلى الأمر بنوع من الريبة والاستغراب، بحكم حجم تلك الصفقات وأهميتها، مما يجعلها تطرح سؤالاً عريضاً حول الهدف من العملية ككل.
في هذا الصدد، نشرت صحيفة «فوزبوبولي» الإلكترونية مقالاً للكاتب والإعلامي ميكيل غيمينيز، بعنوان «ضد من يتسلح المغرب؟» بدأه بالقول: «لا يبدو أن الصداقة التقليدية بين إسبانيا والعالم العربي توحي بقدر كبير من الثقة في الرباط، إذ تشير المعطيات إلى أن المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وهما من «أصدقائنا» العظماء، وقعا اتفاقاً في 2 أكتوبر يقضي باقتناء المغرب لطائرة إف ـ 35، وهي مقاتلة من الجيل الخامس، وتعتبر واحدة من الأفضل في العالم والأغلى، وتتميز بكونها غير مرئية للرادار».
ولاحظت الصحيفة أن المغرب ليس فقط متعاقداً مفضلاً للأمريكيين في مشتريات الأسلحة، بل إنه أكثر من ذلك أفضل متعاقد في هذا المجال على مستوى شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وأعطت أمثلة على ذلك بالقول إنه في عام 2019 وحده خصص المغرب لمقتنياته من الأسلحة أكثر من عشرة مليارات دولار، وتشمل تلك المقتنيات مقاتلات إف ـ 16، وطائرات هليكوبتر من طراز أباتشي، ومئتي دبابة قتال من نوع أبرامز، ومركبات مصفحة من طراز كوغار 6×6، وصواريخ أرض – جو طويلة المدى من طراز ميم ـ 104 باتريوت، وهذه الأخيرة هي الوحيدة في جميع أنحاء القارة الإفريقية.
وتابع كاتب المقال أن المغرب سيحصل أيضاً على صواريخ AMRAAM جو – جو ذات الكفاءة الرهيبة، والتي تنفع في التدريب وأقسام التوجيه ونظام المراقبة عن بعد، بالإضافة إلى تميزها بالأجهزة الدقيقة لهندسة إنتاجها.
وأورد أن الجيش المغربي لجأ أيضاً إلى فرنسا التي باعت له ثلاثين مدفعاً ذاتياً من طراز نيكستير عيار 155 ملم، وهي متعددة الاستعمالات ويقدر مداها بـ40 كيلومتراً.
وأورد كاتب المقال مدى العتاد العسكري الذي اقتناه المغرب، ليسوق على سبيل التخييل والافتراض سيناريوهات حول مخاوف من تنفيذ الجيش المغربي لهجومات ما على جزر الكناري أو جنوب إسبانيا أو حتى سبتة ومليلية المحتلتين. فكتب ما يلي: «مع وجود عدد قليل من شاحنات ARQUUS كدعم، سيكون للمغرب دفاع ساحلي متحرك في حالة هبوط افتراضي. ومع الأسلحة الجديدة يمكنه مهاجمة الأهداف الاستراتيجية دون أن يقع أي اعتراض لأن تلك الأسلحة غير مرئية للرادار. باستخدام العربات المدرعة والدبابات يمكن إحكام السيطرة خلال فترة زمنية قصيرة».
وتابع الكاتب افتراضاته المتخيلة: «بالاعتماد على صواريخ باتريوت ذات مدى فعال يصل إلى 160 كيلومتراً، والتي يمكن أن تصل إلى 300 إذا كانت تنتمي إلى فئة بي إي سي ـ 3 بمحركات متطورة، يمكن لقوات المغرب مهاجمة جزيرة «فويرتيفنتورا» التابعة لجزر الكناري، على سبيل المثال، من مدينة طرفاية، ستين ميلاً بحرياً فقط (أقل من مئة كيلومتراً)». كما افترض إمكانية توجيه صواريخ لمدينة قادس جنوب الأندلس 97.6 كيلومتراً من طنجة.
ولم يستثن من ذلك الهجوم على سبتة ومليلية المحتلتين من طرف إسبانيا؛ مؤكداً أن المسألة مجرد افتراضات، ما دامت المملكتان المتجاورتان (المغربية والإسبانية) تؤكدان على الصداقة القوية التي تجمع بينهما.
وأوضح أن التهديد الوحيد الذي يواجهه المغرب حالياً هو جبهة «البوليساريو» التي لا تتوفر في الوقت الراهن على صواريخ بعيدة المدى أو سيارات مصفحة، ولا على العتاد العسكري غير المرئي من طرف أجهزة الرادار.
وتوالت تساؤلات كاتب المقال: «ضد أي عدو يتسلح المغرب؟ ما الدافع إلى اقتناء أحدث جيل من الأسلحة التي نفتقر إليها (في إسبانيا) إلى حد كبير؟ هل لها علاقة بغزو المراكب في جزر «الكناري»؟ هل يتعلق الأمر بنزعة توسعية للمغرب الذي يبدو أنه مهتم للغاية بالترسب الهائل من «التيلوريوم» وهو معدن نادر جداً وضروري في صناعة الألواح الشمسية، وقد اكتشف على بعد 250 ميلاً جنوب غرب جزيرة «إل هييرو»؟
وقال إن التقديرات تشير إلى أن ما يقرب من ثلاثة آلاف طن من هذه المواد قد توجد تحت مياه المحيط الأطلسي، أي واحد على عشر من إجمالي الاستهلاك العالمي. كما أنه يتميز بتركيز أكبر بخمسين ألف مرة من «التيلوريوم» الموجود على الأرض. وكانت إسبانيا قدمت طلباً إلى الأمم المتحدة لتوسيع نطاق اختصاصها ليشمل ذلك الموقع، لكنها لم تتلق أي رد لحد الآن. وغني عن القول أن أكاسيد المنغنيز الحديدي المترسبة في أعماق البحار تعتبر أساسية من الناحية الاستراتيجية في عملية التصنيع لكل ما يتعلق بأعلى التقنيات.
وختم مقاله بطرح السؤال مجدداً: ضد من يتسلح المغرب؟ ولماذا تسلحه الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا؟
يورد مركز الأبحاث والدراسات «مينا» عن بعض خبراء السياسات الأمنية، قولهم إن تجديد مستوى تسليح المغرب مطلوب وضروري، كون الرباط دخلت مرحلة الردع البحري والجوي، موضحين أن تنويع الردع بين القطاع العسكري الجوي وباقي القطاعات يؤهل لشروط أخرى في أي مواجهة محتملة.
ويؤكد المركز في دراسة تحليلية نشرها على موقعه أن تنويع المغرب ترسانته العسكرية فرضته التّحديات الخارجية والإقليمية في منطقة شمال إفريقيا ومنطقة الساحل التي تجد فيها الرباط مصالحها الاستراتيجية.