كما كان متوقعاً، قفزت أسعار النفط بنسبة تقارب 19.5 في المئة صباح الاثنين في التعاملات الدولية الآجلة قبل أن تتراجع إلى نحو 11 في المئة.
وجاء ذلك بعد عودة الأسواق للتداول عقب عطلة نهاية الأسبوع التي وقعت فيها الهجمات على منشأتي نفط في السعودية. ما أثر في أكثر من 5 في المئة من إمدادات النفط العالمية.
ووصلت أسعار نفط القياس العالمي برنت إلى 71.95 دولاراً للبرميل وبقفزة بنسبة 19.5 في المئة “في أكبر مكاسب يومية منذ 14 يناير (كانون الثاني) من العام 1991″، وفق بيانات “رويترز”، في وقت قفز نفط غرب تكساس في العقود الآجلة بنسبة 15.5 في المئة ليتجاوز 63 دولاراً للبرميل، “وهي أكبر مكاسب يومية منذ 22 يونيو (حزيران) من العام 1998”.
وعلى الفور، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه سمح “بالسحب من مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي”. وغرد على حسابه على “تويتر” “بسبب الهجمات على منشآت النفط السعودية التي قد يكون لها تأثير في أسعار النفط، سمحت بالسحب من مخزون النفط الإستراتيجي إذا لزم الأمر، وستكون الكمية التي سيتم تحديدها كافية للحفاظ على إمدادات السوق جيدة”.
تطمينات دولية
وكانت وكالة الطاقة الدولية المعنية بحصر حجم الإمدادات والمخزونات في العالم، قد طمأنت إلى وجود ما يكفي من الإمدادات في أسواق النفط، لكن الأسواق توقعت السيناريو الأسوأ ورفعت أسعار النفط إلى مستويات قياسية. وكانت هناك توقعات بأن تقفز أسعار النفط إلى مستويات 100 دولار، لكن التطمينات السعودية وما أعقبها من تحرك أميركي للسماح بالسحب من المخزون هدأت من المخاوف في الأسواق. وقالت وكالة “ستاندرد آند بورز” إن “تأثير هجوم السعودية على سوق النفط في الأمد القصير قد يكون محدوداً”.
اتجاهات السوق بالفترة المقبلة
ويلاحظ المحلل النفطي محمد الشطي لـ “اندبندنت عربية” أن “التوجهات الدولية انصبت على التطمينات وأمن الإمدادات في السوق، وكان هناك حديث عن احتمال أن يطلب من بعض المنتجين رفع القدرات الإنتاجية”. ويضيف “من الطبيعي ان تستجيب الأسواق لمثل هذه التهديدات بالارتفاع، لكني أعتقد أنه سيكون محدوداً ويتدرج مع حجم الدمار والتخريب وتوقيت عودة المرافق للإنتاج بصورة طبيعية إلى الأسواق، وهذه أمور تتضح خلال الأيام والأسابيع المقبلة”.
وعن توقعاته للأسعار في الفترة المقبلة، يقول الشطي إن “تحرك أسعار نفط خام برنت ضمن نطاق 3- 5 دولارات للبرميل هو الأقرب في المرحلة الحالية، والارتفاع في اتجاه 70 دولاراً للبرميل وأكثر يعتمد بشكل كبير على سرعة عودة الإنتاج إلى طبيعته”.
ويضيف “يساعد في ذلك كله وجود وفرة نفطية في السوق ووجود مخزون نفطي في أميركا والصين والهند وغيرها من الدول المستهلكة، ووجود دول لديها قدرة للتعويض بشكل بسيط بالإضافة إلى ضعف الاقتصاد العالمي والطلب العالمي على النفط”.
توقعات شركات الأبحاث
وتوقف إنتاج نحو 5.7 مليون برميل يومياً من الخام السعودي يوم السبت بعد هجمات شنتها طائرات مسيرة وأعلنت جماعة الحوثي اليمنية مسؤوليتها عنها.
وقالت شركة إنرجي أسبكتس للاستشارات في مذكرة نقلتها “رويترز” إن “السعودية تتجه لأن تصبح مشترياً كبيراً للمنتجات المكررة بعد هجمات السبت التي أجبرتها على وقف أكثر من نصف إنتاجها من الخام وبعض إنتاج الغاز”.
ومن المرجح أن تشتري شركة النفط أرامكو السعودية كميات كبيرة من البنزين والديزل وربما زيت الوقود، بينما تخفض صادراتها من غاز البترول المسال، وفق إنرجي أسبكتس.
وقالت إنرجي أسبكتس إنه إلى جانب النفط، عطلت الهجمات 18 في المئة من إنتاج الغاز الطبيعي و50 في المئة من إنتاج الإيثان وسوائل الغاز في المملكة.
وأشارت شركة الاستشارات إلى أن من المرجح استئناف نحو نصف إنتاج الخام السعودي المفقود بحلول الاثنين، لكن الاستئناف الكامل سيستغرق أسابيع على الأرجح.
وسيتم الحفاظ على الصادرات من خلال سحب 50-60 مليون برميل من مخزونات الخام المحلية، ومعظمها في راس تنورة، وفقاً للشركة.
هبوط البورصات
وأدت هذه الأحداث المتسارعة إلى هبوط قوي في البورصات الخليجية، حيث أغلق مؤشر البورصة السعودية منخفضاً 1.1 في المئة، ليتراجع للجلسة الرابعة على التوالي.
وبخسائر الأحد، يكون المؤشر قد محا كل مكاسبه هذا العام وانخفض 0.9 في المئة منذ بداية 2019. وأثرت الهجمات بالسلب أيضاً في أسواق الأسهم الرئيسة الأخرى في الخليج، والتي انخفضت جميعها. ونزل مؤشر دبي 0.6 في المئة، ومثله في بورصة قطر، وتراجع مؤشر بورصة أبو ظبي 0.4 في المئة وفي البحرين 0.7 في المئة وفي الكويت 0.3 في المئة.
وتراجع المؤشر الرئيس للبورصة المصرية 0.6 في المئة، بينما استقر المؤشر في سلطنة عمان عند 4021 نقطة.
تعطل الإنتاج
وكان إنتاج النفط في السعودية وتصديره قد تعطلا بعد تعرض معملين كبيرين لشركة أرامكو للنفط إلى هجمات بطائرات مسيرة أحدهما أكبر معمل لتكرير الخام في العالم.
وتسبب الهجوم الذي استهدف بقيق وخريص قبل الفجر في اشتعال عدد من الحرائق، لكن المملكة قالت في ما بعد إنها تمكنت من السيطرة عليها.
وقال التلفزيون الرسمي إن الصادرات مستمرة. ووفق بيانات “رويترز”، أنتجت “أرامكو” 10.3 مليون برميل يومياً من النفط في العام الماضي. وأنتجت أيضاً 1.1 مليون برميل من سوائل الغاز الطبيعي، و8.9 مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي يومياً.