أصدرت محكمة الإستئناف التجارية بالدارالبيضاء، حُكماً قضائيا يقضي بتعديل الحكم المستانف وذلك بخفض المبلغ المحكوم به إبتدائيا الى ثلاثين (30) الف و تأييده في الباقي وجعل الصائر بالنسبة ؛لفائدة إعلامي رَفَعَ دعوى قضائية ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية بسبب تأخر قطار.
وقد سبق للإعلامي والحقوقي إدريس الوالي، أن غرم المكتب الوطني للسكك الحديدية وشركة التأمين الوفاء، خمسة مليون سنتيم،بواسطة حكم إبتدائي بسبب تضرره من عدم التزام المكتب بتوقيت الوصول المحدد في تذكرة السفر.
وجاء في حيثيات الحكم الصادر عن محكمة الإستئناف التجارية بالدارالبيضاء أن الطاعن المكتب الوطني للسكك الحديدية يعيب عن الحكم المستانف خرق القانون وضعف التعليل الموازي لانعدامه ، وذلك لاعتماده على مجرد صور شمسية للوثائق المعزز لطلب المستأنف عليه رغم طعن العارض فيها ومنازعته الجدية بخصوصها طبقا لما ينص عليه الفصل 440 من ق.ل.ع ، وكذا الحكم المطعون فيه لمقتضيات المادة 479 من مدونة التجارة التي تنص على أنه لا تعويض للمسافر إذا کان التأخير بسبب حادث فجائي أو قوة قاهرة ، ذلك أن التأخير الذي عرضه القطار كان نتيجة قوة قاهرة وحادث استثنائي تمثل في اصلاح السكة الحديدية الذي فرضته الضرورة القصوى ، فضلا عن أن التعويض المحكوم به مغالا فيه ، دون الاستناد على أي حجة أو برهان .
وحيث تمسكت المستأنفة شركة التأمين الوفاء أن تأخر القطار في الوصول مرده الى القوة القاهرة . وأن التعويض المحكوم به يتسم بالمغالاة.
وحيث إنه خلافا لما تمسك به الطاعن المكتب الوطني للسكك الحديدية بخصوص خرق مقتضيات الفصل 440 من ق.ل.ع فإن المستأنف عليه ادريس الوالي عزز مقاله الافتتاحي بمقتطف بالتذكرة الاصلية لامتطائه القطار وكذا شهادة مسلمة من المكتب الوطني للسكك الحديدية مؤرخة في 2019/05/28 أكد فيها هذا الأخير أن القطار عرف تأخيرا في الوصول الى مطار محمد الخامس الدولي قدره ساعة و 15 دقيقة وأنه باعتبار أن الوثيقتين أعلاه أصلتين و تثبت الأولى العلاقة التعاقدية بين طرفي النازلة المسافر و الناقل و تثبت الثانية مسؤولية الطاعن المتمثلة في عدم تنفيذه التزامه في الوقت المحدد له .
وأنه بخصوص ما تمسك به الطاعنين معا من وجود قوة قاهرة وحادث استثنائي تسببا في التأخير الذي عرضه القطار ، تمثلا في اصلاح السكة الحديدية الذي فرضته الضرورة القصوى ، مردود عليهما ذلك أن القوة القاهرة والحادث الفجائي اللذين يعفيان الملتزم من المسؤولية يتوقفان على تحقق شرطي استحالة التوقع و استحالة الدف؛ وألا يكونا ناتجين عن فعل المدين أو خطئه ، بحيث يجب أن يكون الأمر غير متوقع الحصول عند التعاقد والحال أن الطاعن المكتب الوطني للسكك الحديدية باعتباره محترفا في مجال النقل فهو ملزم بتقوية وصيانة الأسطول السككي من خطوطات و ناقلات و غيرها مما يتدخل في عملية النقل ، و كان عليه اتخاذ الاحتياطات ، ويدل العناية من اجل الحيلولة دون تأخير القطارات عن مواعيدها ، كما أن الطاعن لم يثبت أنه اتخذ من جانبه أو لجأ إلى وسائل نقل بديلة لتجنب التأخير.
وحيث إن الثابت قانونا أن تأخير المسافر يعطيه الحق في التعويض عن الضرر المادي والمعنوي طبقا لأحكام الفصل 479 من مدونة التجارة وهو المنحى الذي كرسه المجلس الاعلى سابقا بمقتضى قراره عدد 1111 بتاريخ 10 ابريل 2003 في الملف المدني 2/513971 ، وأن المستأنف بسبب اخلاله في تنفيذ عقد النقل ، من حيث ايصال المسار إلى الوجهة المقصودة في الأجل المتفق عليه ، و المحدد بتذكرة السفر ، ترتب عنه ضررا معنويا اضافة إلى المستأنف التي تحمل المستأنف عليه وضياع الفرصة في حضوره اليوم الأول من المناظرة المنعقدة بدولة كندا ابتداء من 29 إلى 31 ماي 2019 فضلا على أن هذا الأخير تكبد مصاريف اضافية تمثلت في اقتناء بطاقة ركوب الطائرة ثانية بعد تمكنه من الاستفادة من التذكرة الأولى لوصوله متأخرا الى المطار حسب الثابت من صورة بطاقة ركوب الطائرة المؤشر عليها من أمن المطار بتاريخ 29 ماي 2019 علما أن اصل تذكرة السفر عبر الطائرة تسحب من المسافر عند وصوله اليها ، وأنه تأسيسا على أن الضرر يجبر بالتعويض و اعتبارا للعناصر المفصلة أعلاه سواء المادية و المعنوية ، بما سلطة تقديرية في هذا الباب فإنها ترى أن التعويض المحكوم به مبالغ فيه وجب اعتبار الاستئنافين جزئيا وتعديل المبلغ المحكوم به وذلك بخفضه إلى مبلغ ثلاثين ألف درهم (30.000 درهم)، و تأييد الحكم المطعون فيه في الباقي وحيث يتعين جعل الصائر بالنسبة .
وتعود تفاصيل الحكم القضائي الصادر عن المحكمة التجارية بالدارالبيضاء، إلى شهر مارس 2020، حين تقدم الإعلامي ادريس الوالي، ممثل “المركز المغربي من أجل الحصول على المعلومة”;، بمقال ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF)، بسبب تأخر القطار الذي سيقله إلى مطار محمد الخامس الدولي، والذي دام أكثر من ساعة وربع، مما أسفر عن تخلفه عن الموعد المحدد للطائرة التي ستقله إلى كندا لحضور مؤتمر دولي حول الحكومة المنفتحة.
وحسب شكاية المعني، اقتنى هذا الأخير تذكرة سفر من الخطوط الملكية المغربية للسفر عبر مطار الدار البيضاء إلى كندا، إلا أن الارتباك الذي وقع في توقيت القطارات، حال دون وصوله إلى المطار في الوقت المحدد لإقلاع الطائرة، فلم يتمكن من الوصول إلى المطار، إلا بعد ساعة ونصف من الوقت المحدد، مما حال دون سفره حسب البرنامج المقرر، وهو ما اضطره إلى العودة لمدينة الرباط من أجل تدبير تذكرة سفر جديدة للسفر في اليوم الموالي، وتمكن بعد عناء من إلغاء التذكرة الأولى، وحجز تذكرة جديدة للسفر . وأثار المدعي أن اضطراره إلى تأجيل سفره إلى اليوم الموالي، أسفر عن تحمله لأعباء مالية إضافية، فضلا عن الأضرار المعنوية والصحية، حيث كان من المفروض وصوله لمديمة أوطاوا في ذلك اليوم، للحضور والمساهمة في أشغال اليوم المخصص للمجتمع المدني بالقمة العالمية.
والتمس الحكم على المدعى عليه بـ 100 ألف درهم. وبناء على المذكرة الجوابية لنائب المدعى عليه، أوضح هذا الأخير، أن الجهة المدعى عليها مؤسسة عمومية تمارس أشغال ونشاطات أشخاص القانون العام، وأن التخصص يرجع للمحاكم الإدارية.
المحكمة أوضحت أن الناقل ملزم بتحقيق نتيجة تتمثل في إيصال المسافر في الوقت المحدد في الاتفاق، وأن عدم تحقيق تلك النتيجة، يجعل مسؤولية الناقل الموجبة للتعويض مفترضة، ولا يدرؤها عنه إلا إقامة البينة على أن التأخير ناتج عن حادث فجائي أو قوة قاهرة . وحسب الحكم القضائي، المدعي، كان متعاقدا مع شركة النقل السككي من أجل نقله إلى مطار محمد الخامس، وتم تحديد الوقت إلا انه حسب شهادته سجلت هذه الرحلة تأخيرا وهو ما يعتبر خطأ ثابتا في حق المشتكي. وحيث أن الفصل 440 من قانون الالتزامات والعقود لد يرد به ما يمنع المحكمة من الأخذ بالصور الشمسية للوثائق غير المنازع في صحة ما ورد فيها، وأن الظرف المدعى عليه تمسك بمقتضيات هذا الفصل، دون المنازعة في مضمون تلك الوثائق، مما يجعل دفعه هذا على غير أساس يتعين رده.
وأضافت المحكمة في تعليلها أن المدعى عليه الأول لحقته عدة أضرار، تمثلت في اضطراره العودة إلى نقطة انطلاقه بعدما فوت عليه الرحلة الجوية، مع ما ترتب عن ذلك من أجهاد بدني وضغط نفسي على المسافر.
ودفع المكتب الوطني للسكك الحديدية بكون هذه التأخيرات على فرض وجودها تعتبر عادية نظراً للأشغال، وأوراش البناء التي تعرفها مختلف مرافق السكة الحديدية، واحتياطيا إحلال شركة التأمين الوفاء; في الدعوى بإعتبار أن هاته الحوادث تندرج ضمن عقد تأمين المسؤولية المدنية التي تقع للمسافر وللأغيار؛ إلا أن المحكمة ارتأت أن التأخيرات المنسوبة إلى الأشغال ..، لا تعتبر ضمن القوة القاهرة، أو الحادث الفجائي، ولا تتوفر فيه شروطهما مادام أمرا متوقع الحدوث، وبالتالي لا يعفي المكتب من مسؤولية الأضرار اللاحقة بممثل الوفد المغربي المشارك في كندا المدعي إدريس الوالي الذي طلب الحكم على المدعى عليه من المسؤولية.
وهكذا، اعتبرت المحكمة أن تبوث إخلال المدعى عليه بالتزامه التعاقدي، وإعمالا لسلطتها التقديرية، قدرت التعويض في مبلغ 50 ألف درهم، وإحلال شركة التأمين الوفاء; محل المكتب الوطني للسكك الحديدية في الأداء، وبتحميلها الصائر.